زراعة المستقبل: كيف يعمل مشروع مجتمعي على استعادة أشجار المانغروف ومكافحة تغير المناخ

زراعة المستقبل: كيف يعمل مشروع مجتمعي على استعادة أشجار المانغروف ومكافحة تغير المناخ

بقلم هدير الحضري

القاهرة، مصر: يساعد مشروع مجتمعي قائم على الطبيعة في مصر في مكافحة ويلات تغير المناخ من خلال زراعة أشجار المانغروف على الساحل المصري للبحر الأحمر. و مع تصاعد أزمة تغير المناخ، شهدنا فقدانا للتنوع البيولوجي و من ثم برزت الحاجة لحلول قائمة على الطبيعة.

يعد مشروع نموذج استعادة النظام البيئي للمانغروف أحد هذه المشاريع. يتم تنفيذ المشروع عبر مركز البحوث التطبيقية للبيئة والاستدامة، و الجامعة الأمريكية يالقاهرة، و يتم تمويله من خلال بنك شركة هونغ كونغ و شنغهاي للخدمات المصرفية من خلال شراكة حلول المناخ.

يعملون مع المجتمع باستخدام حلول قائمة على الطبيعة لمكافحة تأثيرات تغير المناخ.

Mers team and community celebrating seedlings transplantation 1
فريق ومجتمع متلازمة الشرق الأوسط التنفسية يحتفلون بزراعة الشتلات.

يقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن استعادة و حماية أشجار المانغروف عامل محوري في مكافحة تغير المناخ من خلال احتجاز الكربون. إنها أنظمة بيئية غنية بالكربون على الكوكب، حيث تستعيد في المتوسط ​​1000 طن من الكربون لكل هكتار في كتلتها الحيوية وتربتها.

“مشروع نموذج استعادة النظام البيئي للمانغروف هو حل قائم على الطبيعة لتغير المناخ. يهدف مشروع نموذج استعادة النظام البيئي للمانغروف إلى تبني حل قائم على الطبيعة لمعالجة تحديات تغير المناخ وتعزيز المرونة البيئية و الاجتماعية و الاقتصادية للمجتمعات المحلية الأكثر ضعفا من خلال استعادة و اعادة تأهيل النظام البيئي للمانغروف في مصر”.

وفقا للدكتورة ياسمين عبد المقصود، مديرة مشروع  نموذج استعادة النظام البيئي للمانغروف، فإن أنظمة المانغروف ثمينة لأنها واحدة من أكثر أنظمة الأراضي الرطبة انتاجية وتنوعا بيولوجيا على وجه الأرض. و أيضا هي تحمي السواحل من العواصف الساحلية و تحمي المناطق الساحلية من تآكل الضفاف بسبب المد و الجزر و العواصف البحرية.

وفي السياق ذاته، قامت ورقة بحثية أصدرها المشروع في 13 مايو 2024، و نشرت في المجلة الدولية للعلوم و التقنية البيئية، بتحليل توزيع أشجار المانغروف على طول الساحل المصري للبحر الأحمر و وجدت زيادة في مساحة أشجار المانغروف بمقدار 4.5 هكتار (نمو سنوي بنسبة 2٪) من عام 2003 إلى عام 2022. و مع ذلك، كشفت الدراسة أيضا عن انخفاض في غطاء المانغروف في 24٪ من المنطقة، و خاصة حول حلايب، و يرجع ذلك على الأرجح إلى الضغوط البيئية و البشرية.

و علاوة على ذلك، تشير الدكتورة ياسمين إلى أن القيمة الأكثر أهمية لنظام المانغروف البيئي هي أنه يعمل كحضانة للأسماك و الأصناف الأخرى الأساسية لسبل عيش سكان المناطق الساحلية و بقية البشرية التي تعتمد على الغذاء البحري.

“تعمل أشجار المانغروف كمصدر و مستودع للمغذيات و الرواسب للمواطن البحرية الساحلية الأخرى، مثل أعشاب البحر و الشعاب المرجانية، و لديها قدرات ملحوظة على عزل الكربون من الغلاف الجوي، و لهذا السبب فهي واحدة من الحلول الطبيعية التي تساعد في تحدي تغير المناخ”.

Seeds plantation in prepared plastic bags 1
زراعة البذور في أكياس بلاستيكية جاهزة.

“بدأ المشروع في عام 2021 ومن المقرر أن يكتمل بحلول عام 2026. بدأت عملية الزراعة في موقعين “سفاجا و حماطة”، و مدته خمس سنوات”.  عقبت عل ذلك.

“سيتم تحسين النموذج ليناسب السياق المصري و يسمح بسهولة التوسع لاستهداف الحواجز أو العوائق أمام توسيع نطاق الحلول القائمة على الطبيعة لتغير المناخ مثل نقص التمويل و الارادة السياسية و المهارات وا لقدرات الفنية”.

و أكدت الدكتورة ياسمين أن المشروع زرع 15,000 شتلة من نوعي المانغروف “مارينا بن سينا و ريزوفورا مكرونات” في غضون ثلاثة أعوام.

Dr Yasmine and Hamata girls having a break after seeds plantation 1
دكتورة ياسمين وفتيات حماطة في فترة راحة بعد الزراعة.

بالاضافة إلى ذلك، عقدت دورات تدريبية لمجتمع حماطة، كما نظمت دورات تدريبية لمحو الأمية لمجتمع حماطة و استضاف العديد من دورات التوعية المجتمعية، مثل تنظيف شاطئ المانغروف بسفاجا، و دورة التوعية لمدرسة حماطة.

لقد ساعد المشروع بشكل كبير في تمكين المرأة وتوفير فرص العمل لها.

نجاة محمد، 21 سنة، هي احدى المستفيدات.

حصلت على فرصة عمل في مشروع استعادة المانغروف وحصلت على أجر يومي. المال الذي حصلت عليه جعلها تشعر بأنها تلعب دورا مهما في دعم مجتمعها.

و بالمثل، أحبت كريمة سعد، 18 سنة، العمل في الزراعة بسبب المشروع. استفادت كلتا السيدتين في نفس الوقت من “دورات التدريب على محو الأمية” التي يقدمها المشروع بالاضافة إلى أنشطته الأخرى.

“لقد استفدت من هذا المشروع على عدة مستويات، أولاً، عززت من وضعي الاقتصادي بعد أن حصلت على أجر مقابل العمل في قطاع الزراعة، كما حصلت على أجر إضافي مقابل تعليم النساء والفتيات ضمن تدريب محو الأمية.” قالت آمنة عيد البالغة من العمر 26 عامًا.

“إن اهتمام المشروع بتعليم القراءة والكتابة لسكان المنطقة يرجع إلى أن العمل في السياحة البيئية التي يهدف المشروع إلى دعمها يتطلب معرفة القراءة والنطق. في الوقت نفسه، يواجه العمل أثناء المشروع بعض التحديات، مثل اختيار الأماكن المناسبة للزراعة لتجنب أي خسارة في التقدم في المستقبل من خلال التنمية الساحلية على سبيل المثال

هـ، والأخبار لرفع الوعي لدى المجتمعات المحلية بأهمية أشجار المانجروف. أضافت الدكتورة ياسمين.

وفقا للمهندس عبدالله القط، مهندس الزراعة في مشروع نموذج استعادة النظام البيئي للمانغروف ، فإن زراعة المانغروف تنقسم إلى مرحلتين، مرحلة “البذور”، حيث يتم جمع البذور أثناء فترة الإزهار، وهي في شهري مارس و أبريل، ثم يتم زراعتها في أكياس بلاستيكية داخل المشاتل لزيادة انبات البذور.

Bags Preparation for seeds plantation 2
تحضير أكياس البوليثين لزراعة البذور.

مرحلة الشتلات الثانية: بعد عام واحد، تتطور البذور إلى شتلات يتم زرعها في منطقة المد و الجزر على شاطئ البحر.

“هناك بعض التحديات، في بعض الأحيان، عندما تكون المشاتل بعيدة عن قطعة الأرض المزروعة، يكون نقل الشتلات عصيبا. أيضًا، نحتاج إلى التحقق من جودة البذور و اختيار المواعيد المناسبة للزراعة لتجنب المد و الجزر لأنه يجعل عملية الزراعة أكثر صعوبة”. قال القط.

Seedlings nursery in Hamata 1
مشتل شتلات في حماطة

“نحتاج إلى حوالي 20 عاما لرؤية نتائج مهمة. من ناحية أخرى، يهدف المشروع إلى زراعة 50,000 شتلة من أشجار المانغروف و انشاء خط دفاع أول لساحل البحر الأحمر بأشجار المانغروف.

تؤكد المهندسة نهاد محمود، مسؤولة مشروع نموذج استعادة النظام البيئي للمانغروف ، أن المشروع يستهدف تطوير مشروعين بيئيين حول أشجار المانغروف لصالح المجتمع المحلي. الأول هو مشروع السياحة البيئية للمانغروف، و يتكون المشروع من جولات بالقوارب و مراقبة الطيور و الخيمة البدوية.

و أضافت: “بدأ الفريق تدريب المجتمع على ادارة الأمية، لمساعدتهم على ادارة المشروع و توزيع العائدات بالتساوي بين أفراد المجتمع. سيوظف مشروع السياحة البيئية حوالي 20 عاملاً مباشرا وغير مباشرا، و سيكونون جميعا من المجتمع المحلي”.

تم انتاج هذه القصة بالشراكة مع إنفونايل و بتمويل من مؤسسة جاي أر اس  للتنوع البيولوجي و برنامج الشراكة في المياه والتنمية التابع ل آي اتش إي ديلفت. هذه القصة كانت عملا مشتركا بين الصحفية هدير الحضري و العالمة الدكتورة ياسمين عبد المقصود.

Like this article?

Share on Facebook
Share on Twitter
Share on Linkedin
Share on Pinterest
Share on Telegram
Share on WhatsApp

Leave a comment

Related Posts