الإحتباس الحراري والتغيّر المناخي

الإحتباس الحراري والتغيّر المناخي

بقلم: لينه ياسين
الحياة على الأرض تعتمد تقريباً كلياً على الطاقة القادمة من الشمس، نصف الضوء الذي يصل الغلاف الجوي يجد طريقه نحو سطح الأرض حيث يتم إمتصاصه ثم ينعكس للأعلى في شكل أشعة فوق الحمراء. حوالي 90% من الحرارة القادمة من الشمس يتم إمتصاصها عبر غازات الإحتباس الحراري التي هي في الأساس غازات لديها القدرة على إمتصاص الأشعة فوق الحمراء كغاز ثاني اكسيد الكربون، هذه الغازات تعمل كغطاء سميك يبقي درجة حرارة الأرض دافئة. ولكن، إستخدام الفحم والوقود الحجري يزيد من كمية هذه الغازات مما يعني أننا نزيد سماكة الغطاء حول الأرض وهذا ما يعرف بالإحتباس الحراري.

الإحتباس الحراري موضوع مهم للغاية هذه الأيام. تأثيرات الإحتباس الحراري خطيرة والعلم أثبت أنها قد تؤدي لإنقراض الجنس البشري تماماً كما حدث عندما إنخفضت درجة حرارة الأرض مما نتج عنه العصر الجليدي. تأثيرات الإحتباس الحراري تشمل إرتفاع مناسيب المياه في البحار والمحيطات، أحداث مناخية أكثر حدة، زيادة ملحوظة في معدل درجة حرارة الأرض مما يسبب مخاطر بيئية كالتصحر والأمطار الغزيرة جداً، وذلك تترتب عليه آثار اجتماعية وإقتصادية. كما تلاحظون، فهي حلقة مفرغة لا تنتهي إلا بأن يبدأ الناس بإتخاذ خطوات جادة نحو معالجة هذه المشكلة العالمية.

هناك مصطلح آخر يظهر في نقاشات الإحتباس الحراري وهو مصطلح التغيّر المناخي. أول من إستخدمه هو الجيولوجي الكيميائي والاس بروكور عام 1975 في مقال في مجلة “علم” (Science)، والآن فإن مصطلح التغيّر المناخي أوسع إنتشارا من مصطلح الإحتباس الحراري، لكن مالفرق بينهما؟ تعريف التغيّر المناخي هو التغيّر طويل الأثر الذي يحدث في مناخ الأرض، مما يعني أنه الأكثر شمولاً حيث يشمل الإحتباس الحراري وكل الآثار الأخرى الناتجة عن زيادة غازات الإحتباس الحراري.

rl4c5jl27b8kpmowh6qv

التغيّر المناخي تهديد حقيقي للبشرية، نتعامل مع آثاره في حياتنا بشكل يومي دون أن نلاحظ، يؤثر على الغذاء الذي نأكله وأسعاره، لأن مواسم الأمطار تصبح غير متوقعة وكمياتها تصبح كارثية تدمر المحاصيل المزروعة مما يجعل التحكم في خلق الظروف المناسبة لنمو تلك المحاصيل غير ممكن. التغيّر المناخي هو السبب الرئيسي لنزوح مئات الملايين من البشر سنويا نتيجة للظروف المناخية الحادة. في أغسطس 2003 كانت هناك أمطار غزيرة في عدة مناطق في السودان مما أدى لحدوث فيضانات ضربت 14 ولاية. أكثر من 250,000 منزل تدمروأكثر من 300,000 شخص تأثر سواء بفقدان منازلهم، أماكن عملهم أو عائلاتهم. هؤلاء الناس إضطروا لترك منازلهم والسكن في مخيمات مؤقتة لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة. توقف الأطفال عن الذهاب إلى المدارس لأن المدارس أيضاً تدمرت. للأسف، بعض هؤلاء الناس مازالوا يعيشون في المخيمات لأن كل ما يمتلكون على بساطته قضت عليه السيول والفيضانات كما دمرت إستقرارهم ومقدرتهم على النمو.

العالم يحاول للتوصل إلى إتفاقيات للحد من إنبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وغازات الإحتباس الحراري الأخرى. تحتاج الدول إلى تقليل إنتاجها وإستهلاكها للوقود الحجري، والإعتماد أكثر على الطاقات النظيفة والمتجددة. إقتصادات بعض الدول تكاد تعتمد بالكامل على صناعات الوقود الحجري، مما يعني أنها ستتأثر أكثر من غيرها من الدول بهذه الإتفاقيات. تاريخياً، الدول المتقدمة مسئولة عن 79% من إنبعاث الكربون العالمي، لذلك تعتقد الدول المتقدمة أنه يجب أن تكون هي التي تقود المعركة ضد التغيّر المناخي.

العالم أصبح متأثرا بالتغيّر المناخي، سواء كان في شكل كوارث مناخية أو نقص في الغذاء بسبب عدم نجاح زراعة المحاصيل نسبة للظروف المناخية. التدمير سيلحق بالأجيال القادمة وكل يوم تأخير يعني مزيداً من التدمير للأرواح وللكوكب، لذلك من المهم أن نتخذ خطوات عملية لدرء الكوارث المترتبة على التغيّر المناخي، ولبذل المزيد من الجهود في تقليل إنبعاث غازات الإحتباس الحراري بإستخدام التقنيات الحديثة والطاقات البديلة.

Like this article?

Share on Facebook
Share on Twitter
Share on Linkedin
Share on Pinterest
Share on Telegram
Share on WhatsApp

Leave a comment

Related Posts